فوز منتخب العراق الاولمبي على لبنان في تصفيات ميونخ الاولمبية
في يوم الأحد 19 أيلول 1971 جرت على ملعب دولما باغجة في مدينة إستانبول التركية المباراة الفاصلة بين منتخبنا الأولمبي ومنتخب لبنان الأولمبي للتأهل إلى الدور الثاني لتصفيات دورة ميونيخ الأولمبية , بعد أن فاز منتخب لبنان على العراق بهدف واحد مقابل لاشيء في المباراة الأولى التي جرت في 20 حزيران 1971 في بيروت , وفاز منتخب العراق على لبنان بنفس النتيجة في مباراة الإياب التي جرت يوم 14 تموز 1971 في ملعب الشعب الدولي .. قبل المباراة بساعات قام اللاعبون اللبنانيون يرافقهم جمهور كبير جاء من لبنان لتشجيعهم بجولة على الأندية والمحلات الرياضية في مدينة إستانبول يستجدون التشجيع من الجمهور التركي وزعوا خلالها الأعلام اللبنانية الصغيرة في الشوارع وفي أطراف الملعب الرياضي .
وفي ملعب دولما باغجة الذي غصت مدرجاته ب 15 ألف متفرج كان حشد كبير منهم يلوح بأعلام لبنانية دون أن يعرف هويتها لذلك لم يكن يعرف لمن يجب أن يشجع ..
وجاء أول الغيث عندما نزل فريقنا وهو يحمل العلمين العراقي والتركي جنبا إلى جنب ويدور بهما في الملعب وسط عاصفة مدوية من التصفيق وهتافات تركية تصيح : عراق .. عراق ..من الجمهور نفسه الذي كان يتساءل : لمن يجب أن أشجع ؟؟!!..
وجاء الفريق اللبناني يطلب من الوفد العراقي العلم التركي الذي أشتراه وفدنا خصيصا لهذه المناسبة , ليفعل مافعلناه لعله يكسب ماتبقى من الجمهور التركي الكبير الذي بدأ يتعاطف مع الفريق العراقي منذ دخوله إلى الملعب .. ولكن محاولته جاءت متأخرة فما زال أسم العراق يتردد في كافة أرجاء الملعب وبأصوات هادرة . كانت الدقائق الأولى تشير بوضوح إلى إن الفريق اللبناني يريد أن يلعب معنا كعادته بعنف لذلك لعب ضدنا أكثر مما لعب بالكرة ورغم ظهوره بمستوى أفضل من مستواه الذي ظهر به في بغداد فأنه لعب بدون خطة وأعتمد في جميع مراحل مباراته على - تهزيم - هجومه بالتمريرات الطويلة .
بينما ظهر الفريق العراقي الذي كان يلعب بطريقة 4-2-4 , ستار خلف لحماية الهدف وصبيح عبد علي ودوكلص عزيز وعبد كاظم وصاحب خزعل للدفاع وصباح نوري وفلاح حسن للوسط وحازم جسام وعبد الرزاق احمد وطارق عزيز وعلي كاظم للهجوم , أكثر انسجاما ورزانة ولكن خطته تلاشت خلال الربع الثاني من الشوط الأول بعد أن عجز خط الوسط عن تأدية واجبه في ربط خطوطه وأصبحنا نشابه الفريق اللبناني في كل شيء إلا في الخشونة المتعمدة التي كانت طابع الفريق اللبناني منذ بداية المباراة وبدأ هجومنا يتلاعب بأعصابنا بكثرة إضاعة الفرص التي سنحت له .
وفي الدقيقة العاشرة من بدء المباراة ومن خلال هجمات لبنانية سريعة محو المرمى العراقي أبعد ستار خلف ببراعة أول كرة خطرة علينا سددها الجناح الأيمن بقوة من - زاوية حادة -
أول فرصة لنا
في الدقيقة 12 أهدر طارق عزيز أول فرصة لنا للتسجيل حين استقبل الكرة برأسه أمام الهدف اللبناني ولكنها عبرته لعدم توقيته لها وقطعت من الدفاع اللبناني بسهولة .
وفي الدقيقة 15 .. أخطأ عبد كاظم ولأول مرة في تقدير كرة بينية تشكل على مرمانا الخطر الثاني ولكنها تبعد في أخر لحظة من دوكلص عزيز .. ثم ينشط بعدها الفريق اللبناني على غزو المرمى العراقي معتمدا على التمرير الطويل لمهاجميه الذين حاولوا اختراق الدفاع العراقي بقابليات فردية ولكنه يفشل في كل مرة أمام - حسن التغطية - الذي كان طابع دفاعنا طوال الشوط الأول من المباراة .
وجاءت الدقيقة 27 لترتاح معها أعصابنا التي تلاعب بها هجومنا طوال الدقائق الثقيلة التي مرت حيث أحتسب حكم المباراة عمر قرداغ أول ضربة جزاء لصالحنا سجل منها دوكلص عزيز بضربة حلوة أول هدفي الفوز لنا فقد بعدها الفريق اللبناني أعصابه حتى إن إدارييه أخذوا يدورون حول الملعب لحث لاعبيهم على ضرب اللاعبين العراقيين مما اضطر حكم المباراة إلى إبعادهم من خط التماس بينما التهبت الأكف بالتصفيق وأنطلقت الجماهير التركية تصيح مرة ثانية وبحماس : عراق ..عراق .. بعد أن نظم الفريق العراقي صفوفه من جديد وتمالك أعصابه وقدم بعد هدفه الأول عرضا طيبا حول مجرى المباراة لصالحه تماما حتى الدقائق الأخيرة من الشوط الأول سدد خلالها صباح نوري أبدع ضربة في المباراة حولها - شبارو - بأعجوبة إلى ضربة زاوية .
وأطرف ماوقع في الشوط الأول الذي انتهى لصالحنا 1-صفر هو انحناءة اللاعب البصري عبد الرزاق احمد لحكم المباراة باحترام بعد أن احتسب ضده -فاولا - وعكس بذلك صورة حلوة لأخلاقنا للجمهور التركي الذي وقف بعده بجانب الفريق العراقي المؤدب حتى أخر مراحل المباراة
الشوط الثاني
نزل الفريق اللبناني وهو يطمع في هدف التعادل بينما يتشوق لاعبونا إلى المزيد من التسجيل لأن مستوى فريقنا ونتيجته لم تكن ترضي مدرب الفريق الذي طلب منهم في فترة الاستراحة تقديم مجهود أفضل يتناسب مع مستواهم الذي ضاع وسط الخشونة المتعمدة التي لجأ إليها الفريق اللبناني .
في الدقيقة الخامسة يبعد ستار خلف كرة لبنانية أخرى انطلقت بقوة من خلال هجمة لبنانية ناجحة .
هدف يلغى
وفي الدقيقة 17 يسجل اللبنانيون أول هدف لهم يلغيه حكم المباراة الذي كان -بطل المباراة - دون منازع بعد أن ضرب اللبنانيون ستار خلف عمدا قبل وصول الكرة اليه ليدخلوها في المرمى الخالي بعد سقوط ستار متألما على الأرض .
في الدقيقة 72 ينزل شدراك يوسف ليحل بدلا من فلاح حسن ولينضم إلى خط الوسط الذي تقلص مع دفاعنا في منطقة جزاء المرمى العراقي بعد الهجمات المتتالية التي قادها الهجوم اللبناني الذي بدأ ينفذ بسهولة عبر دفاعنا - المتعب - معتمدا على الخشونة في محاولة ضرب كل لاعب عراقي يحاول قطع كراتهم ولكن هجماتهم بعنفها البدني كانت تقطع بحزم من قبل حكم المباراة - العادل-
خروج أشرس لاعب
في الدقيقة 20وبعد ضغط متواصل من الفريق اللبناني الذي كان يتفتت أمام صلابة دفاعنا ويقظة حارس مرمانا فقد اللاعب حافظ عمار - أشرس لاعبي لبنان - أعصابه وضرب ستار خلف بتعمد لظهوره بمستوى جيد أمام هجماتهم الكثيرة أخرجه على أثرها الحكم الصارم عمر قرداغ وسط صيحات السخرية من الجمهور التركي .
هدف محقق للبنان
في الدقيقة 29 يضيع داخل يمين الفريق اللبناني هدفا محققا عندما كان أمام المرمى العراقي المفتوح حين فشل في إيداع كرة أرضية جاءته من الزاوية اليسرى من مرمانا وهو أمام الهدف العراقي الخالي .
قصة هدفنا الثاني
في الدقيقة 42 من بداية الشوط الثاني أراد العقيد عادل بشير أن يبدل اللاعب طارق عزيز باللاعب نوري ذياب وقبل أن يبدأ اللاعب نوري إحماءه أمره العقيد عادل بالمكوث قليلا ثم حدثت المفاجأة .. طارق عزيز نفسه الذي أراد المدرب تبديله يستلم كرة في الدقيقة 43 ويتخطى بها قلب الدفاع اللبناني بسهولة ليودعها بهدوء في الجانب الأيمن في مرمى شبارو مسجلا الإصابة الثانية للعراق .
هدف لبنان
في الوقت الذي كنا نعيش في نشوة الهدف الثاني الذي جاء ليعزز فوزنا في مباراة الأعصاب التي عشناها ينفرد خارج يسار الفريق اللبناني باللاعب عبد كاظم الذي بدأ يحس بألم في رجله ليأخذ منه كرة مشتركة بسهولة وينفرد بها بستار خلف ليسجل الهدف الأول والأخير للبنان في بدء الدقائق التي احتسبت تعويضا للوقت الضائع من المباراة .
وانتهت المباراة
إذن في الدقيقة 43 من بداية الشوط الثاني استطعنا أن نطرد النحس الذي رافقنا مع فريق لبنان وحصلنا بذلك على جواز المرور إلى كوريا الديمقراطية لمواصلة رحلتنا إلى ميونيخ .
__________________